سلسلة انطباعات قصيرة – رسائل قصيرة خبيثة


رسائل صغيرة خبيثة
في مدينة ليتيل هامبتون في بريطانيا وقعت حادثة مثيرة للجدل تنساها التاريخ حتى خرجت للنور من خلال أحداث الفيلم الكوميدي
رسائل صغيرة خبيثة
عن سيدة تدعى ايديث من عائلة متدينة محافظة تتلقى رسائل مشينة من شخص مجهول، تتجه أصابع الاتهام إلى جارتها روز المهاجرة الأيرلندية.

لولا النوع الكوميدي الذي ينتمي إليه الفيلم، لكان ثقيلاً جداً على النفس.
الكوميديا هي النوع القادر على تمرير نقد لاذع مستتر وراء ضحكة، من خلال إلقاء الضوء على نقائص الأفراد والمجتمعات، فتحدث الأثر المنشود من وراء العمل الكوميدي وهو التغيير.

وهنا كشفت الكوميديا عن علل كثيرة لهذا المجتمع الصغير الذي يلقي بظلاله أيضا على حالة ثقافة بلد بأكملها، فألقى الضوء على العنصرية تجاه المهاجرين الإيرلندية والشقاق بين البلدين، العنصرية والتحيز الجنسي تجاه المرأة (في حالة العنصرية تجاه روز، وكذلك الشرطية)، والسيطرة الذكورية والأبوية على المجتمع (سيطرة والد ايديث، ورئيس الشرطة وكذلك الشرطي المساعد وممارستهم الذكورية تجاه الشرطية، والقاعدة التي كانت تشترط عدم زواج الشرطية وإنجابها لأطفال)، كما تعرى الكوميديا أيضا نماذج لتماهي المرأة مع الصورة الذكورية السلبية عنها وخضوعها لها في حالة ايديث.

هذا واحد من الأفلام الذي ينقل المشاهد بصورته إلى أجواء فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، من خلال قدرته على تصوير روح تلك الفترة، من خلال تصميم الأماكن والمنازل، وكذلك الملابس والمكياج.

لكن العنصر الفني الأبرز في الفيلم هو التمثيل، القطبية بين شخصية ايديث المكبوتة وشخصية روز المتحررة سليطة اللسان، قدمتهما باقتدار الممثلتين أوليفيا كولمان وجيسي باكلي، فنفخوا الحياة في هذه الايديث التي كانت مثل البركان الخامد الذي يغلي بداخله وندرك أنه على وشك الثوران في أي وقت، أما روز التي قامت بها باكلي تعيد إلى الأذهان واحد من أجمل أدوارها الأولى في فيلم روز الجامحة.

تنوعت الكوميديا داخل الفيلم من كوميديا الهجاء بين الشخصيات، وكوميديا المواقف، وكذلك الحس الكوميدي لطابع كل شخصية.

فكانت المحصلة فيلماً عرض حادثة تناسها الزمن، ونبشت عنها السينما وإعادتها للحياة لما تعكسه في وقتنا الحالي، فاستخدمت الماضي مرآة وإسقاط للحاضر، للمناشدة بتحرر المرأة من السيطرة الأبوية والذكورية عليها




Author:

Film critic

Leave a comment